Oleh : Diqi Agam Lubis S.Pd.I
(Jurusan PBA Universitas Darussalam Gontor)
في القرن الرابع الهجري، أصيب العالم الإسلامي بانقسام كبير،فهذا العصر يمثل عصر ضعف الدولة العباسية، فالخلفاء مغلوبون على أمرهم والأمر لغيرهم، فمصر في أيدي الإخشيديين ثم في أيدي الفاطميين، وولايات فارس يتداولها المتغلبون، وبلاد كثيرة تحت أيدي الحمدانيين، لذلك تعرض الكثير من الخلفاء للخلع والإذلال، ولم يكن الخليفة معهم إلا بالاسم، فعاث العامة في الأرض الفساد، وتفاقم شر اللصوص، وانتشرت الفوضى والمنازعات وساءت الأحوال[1].
الحالة العلمية
هذا التردي الذي سبق لم يؤثر في الحالة العلمية، فالعالم الإسلامي في هذا القرن كان أعلى شأناً في العلم من القرون التي كانت قبله، فقد تم في هذا العصر امتزاج الثقافات، وأخذ الخلفاء إلى يشجعون الطب والتنجيم، كما نفذ العلماء إلى أبواب الفلسفة والرياضيات، وعنى الأمراء والعلماء بجمع الكتب وتأليفها، وأنشئت في هذا العصر الكثير من دور الكتب والمؤسسات العلمية.فلهذا كله تطور العلم تطوراً كبيراً وخطى خطوات واسعة في التقدم[2].
اسمه ونسبه
أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي النحوي اللغوي، كان أبوه ـ جني ـ مملوكاً رومياً لسليمان بن فهد الأزدي الموصلي[3]. ولقد أراد ابن جني تفسير اسم أبيه جني الرومي ، فوجد أنه يعني في العربية : الفاضل، وتعني في اليونانية: كريم ، نبيل، عبقري، مخلص[4]. ولد في الموصل قبل سنة ثلاثمائة، وقيل قبل سنة ثلاثين وثلاثمائة.
صفات لابن جني
كان ابن جني أعور، يقول المترجمون:أنه كان ممتعاً بإحدى عينيه، كناية عن العور[5]. وكان رجل جد وامرأ صدق في فعله وقوله فلم يعرف عنه اللهو والشرب والمجون، وكان عف اللسان والقلم يتجنب البذيء من الألفاظ. ولم يكن همه رضاء الملوك ومنادمتهم كأدباء عصره[6].
شيوخه: أخذ ابن جني النحو عن الأخفش وبعده عن أبي علي الفارسي،وأخذ عن كثير من رواة اللغة والأدب منهم أبو بكر محمد المعروف بابن مقسم ، وروى عن ثعلب، كما روى عن المبرد. ويروي ابن جني عن الأعراب الذين لم تفسد لغتهم، وممن أخذ عنهم أبي عبد الله الشجري[7].
صحبته لأستاذه أبي علي الفارسي
لقد أخذ عنه وأحسن الأخذ عنه، وهو الذي أحسن تخريجه ونهج له البحث[8]. وتجمع الروايات على أن أبا الفتح صحب أبا علي بعد سنة 337هـ ولازمه في السفر والحضر أربعين سنة، وأخذ عنه[9].
كان ابن جني يعجب بالمتنبي ويستشهد بشعره في المعاني، وهو أول من شرح ديوانه[10]. فتح ابن جني في الغربية أبواباً لم يتسن فتحها لسواه. ووضع أصولاً في الاشتقاق ومناسبة الألفاظ للمعاني، وإهمال ما أهمل من الألفاظ وغير ذلك.ومن الذين استفادوا من بحوثه ابن سيده، وابن سنان الخفاجي وابن الأثير وغيرهم[11].
عقيدة ابن جني
لم يعرف عن ابن جني أنه كان شيعياً، وإن كان الظاهر من أمره ذلك، والأظهر أنه إنما كان يصانعهم، وكان من دواعي مصانعته لهم أن كان ذوو السلطان من آل بويه منهم، وهو كان متصلاً بهم صلة قوية وكان البويهيون يحرصون على إظهار شعائر الشيعة[12].
مذهبه النحوي
كان ابن جني بصري المذهب كشيخه أبي علي، ويجري في كتبه ومباحثه على أصول هذا المذهب ويدافع عنه، على أن ابن جني لشدة حبه للعلم فكان يأخذه من أهله، بصرياً كان أو غيره، فيكثر من النقل عن ثعلب و الكسائي ويمدحهما على اختلافه معهما في المذهب[13].
غير أن شوقي ضيف يعده بغدادي من طراز خاص[14]. وكان ابن جني يقول الشعر ولكنه كان مقلا فيه، غير مشهور به.[15]
مصنفاته
ترك ابن جني للأجيال بعده من مصنفاته ما بلغ سبعة وستين مصنف، مابين وجيز ووسيط وبسيط ، منها ما هو مطبوع، ومنها ما ذكر المفهرسون مكان وجوده، ومنها ما لا نجد له ذكرا ولا في فهارس المخطوطات[16] ، ومن مصنفاته المشهورة:
كتاب الخصائص، اللمع في النحو، المحتسب في شرح الشواذ، المقصور والممدود، المذكر والمؤنث،وتفسير ديوان المتنبي وغيرها.[17]
وفاته
في بغداد، وفي خلافة القادر، وتحديدا يوم الجمعة لليلتين بقيتا من صفر، سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة من الهجرة رحل ابن جني عن دنيا الناس، تاركا مؤلفاته وذخائره العلمية تتحدث عنه وتحييه بينهم من جديد .
أما مذهبه الكلامي فقد كان معتزلياً كما ذكر ذلك السيوطي في المزهر وقال: " ذلك أنّا لم نر أحدا من علماء البلدين ( البصرة والكوفة) تعرض لعمل أصول النحو ، على مذهب أصول الكلام والفقه ".
المراجع
السامرائي، فاضل صالح، ابن جني النحوي ( بغداد، دار النذير،1969)
ابن جني، أبو الفتح عثمان، الخصائص، تحقيق:محمد النجار(القاهرة، دار الكتب المصرية،1952 )
بن خلكان، أحمد بن محمد، وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، تحقيق: إحسان عباس (بيروت، دار الثقافة،1977)
الدمشقي، أبو الفداء إسماعيل، البداية والنهاية،اعتنى بها: عبد الرحمن اللادقي، ومحمد غازي بيضون (الرياض، ط4، 1998)
الحموي، ياقوت ، معجم الأدباء، اعتنى بنسخه:د.س.مرجليوث(مصر، مطبعة هندية، طبعة الثانية، 1928).
التنوخي، أبو المحاسن ، تاريخ العلماء النحويين من البصريين والكوفيين وغيرهم ،تحقيق: عبد الفتاح الحلو( الرياض،جامعة الإمام محمد بن سعود، 1981)
القفطي،أبو الحسن علي،إنباه الرواة على أنباه النحاة، تحقيق:محمد أبو الفضل إبراهيم (دمشق، دار الفكر،طبعة الأولى. 1986).
اليماني، عبد الباقي، إشارة التعيين في تراجم النحاة واللغويين، تحقيق: عبد المجيد دياب( الرياض، مركز ا لملك فيصل، طبعة الأولى. 1986).
النعيمي، حسام سعيد، الدراسات اللهجية والصوتية عند ابن جني. (العراق،دار الرشيد، 1980).
[3] أحمد بن محمد بن خلكان، وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، تحقيق: إحسان عباس(بيروت، دار الثقافة،1977) 3/246وأبو الفداء إسماعيل الدمشقي، البداية والنهاية،اعتنى بها: عبد الرحمن اللادقي، ومحمد غازي بيضون(الرياض، ط4، 1998). ص 11- 402.
[5] ياقوت الحموي ، معجم الأدباء، اعتنى بنسخه:د.س.مرجليوث(مصر، مطبعة هندية، طبعة الثانية، 1928).ص5- 18.
[7] أبو المحاسن التنوخي ، تاريخ العلماء النحويين من البصريين والكوفيين وغيرهم ،تحقيق: عبد الفتاح الحلو ( الرياض،جامعة الإمام محمد بن سعود، 1981). ص 441.
[8] أبو الحسن علي القفطي، إنباه الرواة على أنباه النحاة، تحقيق:محمد أبو الفضل إبراهيم (دمشق، دار الفكر،طبعة الأولى. 1986). ص 2-336.
[9] عبد الباقي اليماني، إشارة التعيين في تراجم النحاة واللغويين، تحقيق: عبد المجيد دياب( الرياض، مركز ا لملك فيصل، طبعة الأولى. 1986).ص 200.
[17] عمر رضا كحالة، معجم المؤلفين (بيروت ، دار إحياء التراث، د.ت). ص 6- 251.
0 comments:
Posting Komentar