Oleh : Andri Warseto S.Pd.I
(Jurusan PBA Universitas Darussalam Gontor)
ظهر دور التحليل التقابلي بصـورة علمية في الأربعينات من القرن الميلادي الماضي, وكان من رواد هذا الأسلوب في اختيار المادة اللغوية لإعداد الكتب التعليمية الأستاذ فريز ولادو في عام 1945: "أفضل المواد هي تلك المبنية على وصف علمي للغة المدروسة مقارنة بوصف مماثل للغة الدارسة الأصلية ". وفي عام 1957م ظهر أول كتاب بالإنجليزية وضعه اللغوي المعروف الدكتور روبرت لادو ليرشد الباحثين إلى إجراء الدراسات التقابلية , وقد ذكر أن من أهم فوائد التحليل التقابلي الانتفاع به في مجال إعداد المواد التعليمية فيقول في ذلك :" وأهم شيء في إعداد المواد التعليمية هو مقارنة اللغة والثقافة الأصليتين ( للدارس ) باللغة والثقافة الأجنبيتين , وذلك من أجل التعرف على العقبات التي لابد من تذليلها في أثناء التدريس " . وقد أدت الدعوة إلى ضرورة التحليل التقابلي لإعداد المواد التعليمية وتدريس اللغات الأجنبية إلى عدد لا يستهان به من الدراسات التقابلية بين اللغات المختلفة, ولكننا نجد أن فوائد التحليل التقابلي تظهر بوضوح في مجال الأصوات حيث يظهر الأثر القوي للعادة , بينما يقل في عناصر اللغة الأخرى حيث يلعب الإدراك والتفكير دوراً أكبر في تعليمها.
يقوم علم اللغة التقابلي بالمقارنة بين لغتين أو أكثر من عائلة لغوية واحدة أو عائلات لغوية مختلفة بـهدف تيسير المشكلات العملية التي تنشأ عند التقاء هذه اللغات كالترجمة وتعليم اللغات الأجنبية . ويفضل علم اللغة التطبيقي مصطلح التحليل التقابلي ، بدلا من علم اللغة التقابلي؛ إذ المقصود هنا تحليل لغوي يجري على اللغة التي هي موضع التعليم واللغة الأولى للمتعلم.
وتنبع فكرة التحليل التقابلي من مقولة : أن أيّ متعلم للغة أجنبية لا يبدأ – في الحقيقة- من فراغ, وإنما يبدأ تعلم هذه اللغة الأجنبية وهو يعرف شيئاً ما من هذه اللغة؛ هذا الشيء هو ما يشبه شيئاً ما في لغته؛ لذلك يجد هذا المتعلم بعض الظواهر سهلا وبعضها الآخر صعبا؛ فمن أين تأتي السهولة والصعوبة وهو في المرحلة الأولى من تعلم اللغة؟
صحيح أن المتعلم الناجح يفترض ابتداء أن اللغة الأجنبية التي يتعلمها تختلف عن لغته, وأن عليه أن يبذل جهده لتعلم ذلك, لكنه – وهو يتعلم - يكتشف أن ثمة ظواهر تشبه أشياء في لغته.
وقد ظهر التحليل التقابلي حتى لا يترك لكل متعلم هذه المهمة؛ لأنه قد لا ينجح في اكتشافه، كما أنّه قد يتوهم تشابـها غير حقيقي, كما هو الحال فيما يعرف "بالنظائر المخادعة". والتحليل التقابلي إذن يختص بالبحث في أوجه التشابه والاختلاف بين اللغة الأولى للمتعلم واللغة الأجنبية التي يتعلمها. والتشابه بين لغتين لا يعني سهولة التعلم, كما أن الاختلاف لا يعني صعوبة التعلم؛ ذلك أنّ الاختلاف والتشابه مسألة لغوية, أما السهولة والصعوبة فمسألة نفسية لغوية.
من الحقائق المقررة أنّ أوجها مشتركة تجمع اللغات جميعها, وهي التي يسعى العلماء الآن إلى بحثها فيما يعرف "بالكليات اللغوية". على أنه من الحقائق المقررة أيضا أن اللغات تختلف فيما بينها من حيث البنية على المستويات اللغوية جميعا؛ إذ الاختلاف موجود في الأصوات، وفي الكلمة، وفي الجملة، وفي المعجم.
والتحليل التقابلي لا يقارن لغة بلغة, وإنما يقارن مستوى بمستوى, أو نظاما بنظام. أو فصيلة بفصيلة, ويجري التقابل على كل ما ذكرنا آنفا؛ فالتقابل الصوتي مهم جدا في تعليم اللغة, وكذلك التقابل الصرفي , والنحوي, والمعجمي.
ويهدف التحليل التقابلي إلى ثلاثة أهداف:
1- فحص أوجه الاختلاف والتشابه بين اللغات.
2- التنبؤ بالمشكلات التي تنشأ عند تعليم لغة أجنبية ومحاولة تفسير هذه المشكلات.
3- الإسهام في تطوير مواد دراسية لتعليم اللغة الأجنبية.
أما الهدف الأول فهو ما عرضنا له آنفا, وأما الهدف الثاني فينهض على افتراض علمي بأن مشكلات تعلم لغة أجنبية تتوافق مع حجم الاختلاف بين اللغة الأولى للمتعلم واللغة الأجنبية؛ إذ كلما كان الاختلاف كبيرا كانت المشكلات كثيرة. وحين نضع أيدينا على طبيعة هذا الاختلاف يمكننا أن نتنبأ بالمشكلات التي ستنجم عند التطبيق العملي في عملية التعليم, ويمكننا أيضا أن نفسر طبيعة هذه المشكلات. فالتقابل بين العربية والإنجليزية مثلا يشير إلى وجود اختلافات بنائية كثيرة على المستويات اللغوية جميعها؛ فأصوات العين والحاء والخاء والغين مثلا ليس لها مقابل في الإنجليزية, وبعض الصيغ الفعلية في العربية مثل صيغة (فاعَلَ) ليس لها نظير فيها كذلك, والنعت يسبق المنعوت في الإنجليزية ويتأخر عنه في العربية, واسم الموصول يمكن أن يأتي بعد اسم نكرة في الإنجليزية, ولا يجوز ذلك العربية, وكلمة العم والخال لها مقابل إنجليزي واحد, وبعض ألفاظ القرابة ليس لها مقابل على الإطلاق. من هنا نتوقع أن يواجه متعلم لغته الأولى الإنجليزية مشكلات عند تعلمه العربية في بعض الظواهر؛ إذ من المتوقع جدا أن نجد جملة من مثل: رأيت طالبا الذي نجح.
وأما الهدف الثالث فهو ثمرة طبيعية للهدفين السابقين ؛ فإذا توصلنا إلى وصف تقابلي لأنظمة اللغتين , وحددنا ما نتوقعه من مشكلات في ضوء هذا الوصف , أمكننا أن نطوّر مواد دراسية تواجه هذه المشكلات ابتداءً . وقد كان فريز يؤكد منذ أول الأمر أن أفضل المواد فاعلية في تعليم اللغة الأجنبية هي تلك المواد التي تستند إلى وصف علمي لهذه اللغة , وعلى وصف علمي مواز للغة الأم .
ورغم ما يبديه بعض الباحثين من تحفظ على هذا المبدأ فإنّ التحليل التقابلي أثبت نفعاً حقيقياً في تطوير المواد الدراسية في تعليم اللغة الأجنبية , وقد نزعم هنا أن التحليل التقابلي نافع أيضاً في تعليم اللغة لأبنائها ؛ إذ ثبت لنا بالتجربة العملية أن كثيراً من الظواهر اللغوية في العربية تكون أكثر وضوحاً حين تعرض على الدرس التقابلي , ومن هنا يصبح إدراكنا لطبيعة الظاهرة إدراكا أكثر علمية من فهمنا لبعض الجوانب المشتركة في قدرة التعليم حين تتلقى هذه الظاهرة , ويثمر ذلك _ بلا شك _ رؤية أفضل نحو تطوير المواد الدراسية لتعليم اللغة الأولى . [2]
المراجع
http://www.majma.org.jo/majma/res/data/mag/79/79-6.doc
إعداد المواد التعليمية لتدريس اللغات الأجنبية ، بعض الأسس العامة " لمحمود صيني
0 comments:
Posting Komentar